الموجز اليوم
الموجز اليوم

الكاتب محمد السيد عيد: الخيال العلمى للطفل ضرورة..و”طلعت حرب ” ينتظر من يتحمل مسؤوليته

الكاتب محمد السيد عيد
حوار: حمدية عبد الغنى -

في زمنٍ أصبحت فيه الدراما تميل إلى التكرار، ويغيب عنها البُعد التوثيقي والتاريخي، يبرز إسم الكاتب محمد السيد عيد كواحد من القلائل الذين اختاروا أن يجعلوا من كتابة السير الذاتية في الدراما المصرية مشروعًا فنيًا وثقافيًا ممتدًا.
لم تكن تلك مجرد اختيارات إبداعية عابرة، بل رؤية واضحة لمهمة الكاتب في استعادة الذاكرة الوطنية، وإعادة إحياء شخصيات أثرت بعمق في وجدان وتاريخ هذا الوطن.

محمد السيد عيد لا يكتفي بكونه كاتبًا دراميًا، بل هو أيضًا رئيس نادي القصة، الذي يسعى من خلاله إلى دعم الأدب الجاد ،ورعاية الأجيال الجديدة من المبدعين، وكان له دور محوري في تنظيم المؤتمر العلمي الثاني لأدب الخيال العلمي للأطفال، في خطوة تعكس وعيه بأهمية توسيع مدارك الطفل المصري، وتقديم محتوى أدبي وفكري مختلف.

وفي هذا السياق، يتردد السؤال: هل سيحظى مسلسل "طلعت حرب" بالإهتمام والإنتاج الذي يستحقه؟ إذ يُعد هذا العمل استكمالًا طبيعيًا لمشروعه الوطني في تقديم السير الذاتية لشخصيات صنعت التاريخ، ويأمل أن يرى هذا المشروع النور في ظل حاجة المشهد الدرامي إلى أعمال تُعيد الإعتبار للوعي والقدوة.

فى هذا الحوار اقتربنا من عالم محمد السيد عيد الكاتب، والمفكر، والمثقف..ما بين المؤتمر العلمي الثاني لأدب الخيال العلمي للأطفال والذى اختتمت فعالياته منذ أيام، وتأملاته بين واقع الأدب والسير الذاتية .

■ بداية، ماالذي دفعكم إلى تنظيم مؤتمر ثانى لأدب الخيال العلمي للأطفال؟

-مؤتمر القصة بالنسبة لنا ليست دورة وتنتهى ،وإنما ينعقد بشكل دورى ومستمر فى دورات قادمة بحيث يكون من الإهتمامات الرئيسية لنادي القصة .

■ ماهى مخرجات المؤتمر الأول، وهل خرج إنتاج أدبي من هذا المؤتمر وتم طباعته؟
-تم طباعة الأبحاث، وقامت بطباعتها دار "نهضة مصر " ،وهذه الأبحاث يمكن الإستفادة بها سواء للباحثين، أو للجمهور أو صناع القرار.

■هل توجد جهود لتبنى مخرجات هذا المؤتمر فى المناهج التعليمية أو مبادرات وزارة الثقافة أو التعليم؟

-يوجد تعاون فقط مع وزارة الثقافة، لأن دخول وزارة التربية والتعليم مسألة صعبة حيث كان لى تجربة سابقة معهم حينما كنت مسؤلا عن كتاب " قطر الندى" كان التعامل معهم ليس سهلا، وصدرت توصية من السيدة سوزان مبارك شخصيا فى ذلك الوقت حيث تم التعاون بين قصور الثقافة، ووزارة التربية والتعليم لشراء مجلة وكتاب "قطر الندى" للاستفادةبهم فى المجال الخاص بالطفل فى المدارس التابعة للتربية والتعليم.

■ هل يحظى أدب الطفل بإهتمام كافى ؟
-حاليا يحظى بإهتمام كبير، وجيلنا بالتحديد هو الذى يستطيع أن يحكم، لأن جيلنا لم يعاصر شيئا مما يحدث الآن، لم تكن هناك حركة أدب أصلا موجودة،بل أفراد يقومون بالمجهود الشخصي ،الآن يوجد مسرح للطفل ومسرح للعرائس وقنوات للأطفال بالإضافة لكتب الأطفال.

■ البعض يخلط بين الخيال العلمي والفانتازيا؟

-الفانتازيا خيال فقط ليس مرتبطا بالعلم، إنما الخيال العلمي هو خيال يعتمد على العلم ،وغالبا يتنبأ بما لم يحدث بعد لكنه مبنى على أسس علمية.

■ نادى القصة شهد طفرة وتجديد ملحوظا فى عهدكم ،ماخطتكم لاستمرار هذا الزخم؟

-الحقيقة أرجو أن يخرج نادى القصة من الأزمة المالية التى يعيشها بالدرجة الأولى، وأن نتمكن من إنشاء فروع جديدة حيث يوجد فرع فى الأسكندرية يعمل بالفعل بنشاط ،وهناك فرع تحت التأسيس فى السويس ،لذلك نأمل بأن تكون هناك فروع أخرى فى المحافظات،ولدينا حلم بأن تكون هناك فروع فى الدول العربية بحيث يكون هناك تواصل بين كتاب القصة فى مصر والوطن العربي.
وأضاف السيد عيد: الأحلام كثيرة خاصة أن لدينا أشياء تستحق الإهتمام..حيث لدينا كتاب يسمى " الكتاب الفضى" ، والقصة،والمسابقات فى الفترة المقبلة سيكون هناك فرصة لكى نشارك أصحاب رؤوس الأموال، أو رجال الأعمال ،أو البنوك ،أو المؤسسات الاقتصادية لكى يشاركوا فى تمويل هذه المسابقات .

■ كيف ترى مستقبل القصة بشكل عام ؟ وهل ترى إهتمام بالقصة القصيرة؟

-يوجد إهتمام كبير بالرواية، وحينما يذهب أى شخص لأى مكتبة سيجد قسم يسمى " الأكثر مبيعا" نحن متميزين فى الرواية على مستوى الوطن العربى ،أما القصة القصيرة هى أكثر انتشارا، وبها كمية تجريب لاحدود لها ،وبها استفادة من الفنون الأخرى مثل الموسيقى والتشكيلى، والشعر، وسواء فن القصة القصيرة أو الرواية من أنشط أو من أهم الأشكال التى نهتم بها.
كما أيضا نهتم بأشياء أخرى مثل فن العلاقة بين الرواية والدراما المرئية التى تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية، أو أعمال سينمائية ابتداء من أول فيلم " زينب" ،ولكن حينما ابتعدت الرواية عن التليفزيون والسينما تأثر المستوى التليفزيونى والسينمائى، لأن الرواية مصدر مهم جدا من مصادر تقديم الأعمال الراقية،وانا شخصيا أعتز جدا بأننى قدمت أحد الأعمال التى إعتمدت على الرواية مثل " الزينى بركات" الذى حقق صدى كبير .

■ أنت من الكتاب القلائل الذين اهتموا بتقديم شخصيات فى أعمال درامية "السير الذاتية " ماالذي يدفعك لهذا النوع من الكتابة؟

-أعتقد أن التاريخ الإنساني ملئ بمئات الشخصيات المحورية ،ونعرف التاريخ من خلال تلك الشخصيات وبإعتبار أنني مهتم بالتاريخ أقدمه من خلال السير الذاتية "الملهمة" ،حيث أقدم الشخصيات التى تصلح لأن تكون قدوة، ولها دور فى التنوير ،وأثرت فى مسيرة المجتمع ،ولا أختار شخصيات عفوية.
وأوضح: حين أكتب عن شخصية لا أكتب عنها وحدها ،بل أعتبر هذه الشخصية هى المحور ثم أكتب الحقبة الزمنية .

■ ماتقدمه من دراما تاريخية تعتبره مشروع له أجزاء وينتظر أن يستكمل ؟

-بالفعل انا لى مشروع فى كتابة تاريخ مصر عن طريق الدراما التليفزيونية وقدمت من هذا المشروع ثلاثة أعمال أو أجزاء ظهرت إلى النور فعلا وهم " على مبارك، قاسم أمين، مصطفى مشرفة" .

■ وهل الجزء الرابع هو " طلعت حرب" الذي أعلن عن خروجه للنور قريبا؟

-هذا صحيح "طلعت حرب " هو استكمالًا لهذا المشروع وهو جاهز، لكن الجهات الإنتاجية الآن ترى أن هذا العمل هو موضوع محلى ،ولا يمكن تسويقه عربيا،وبالتالى يحجمون عن إنتاجه.
وأوضح : رغم أن الحسبة التى يقومون بحسابها حسبة خاطئة لأن هذه الأعمال لاتقاس بالتوزيع الخارجى ،وإنما تقاس بما تقدمه لأبنائنا من قيم،وقدوة ،ونموذج يمكن أن يحتذى به الأبناء.

وتسائل السيد عيد:،ما هى القدوة التى نقدمها الآن عبر مسلسلاتنا لاشئ! حيث يكون فى ذهن كل واحد من الأبناء أنه يريد أن يكون مثل "مشرفة" ،"قاسم أمين "لأن الأبناء تقلد ماتراه ،بدلاً من تقليد أعمال تنشر البلطجة.

■ لو تحدثنا عن "طلعت حرب " النموذج والقدوة للأبناء، وما قدمه للوطن ماذا عنه؟

-رجل عصامى بنى نفسه بنفسه، وفى العام الذى أنشأ فيه بنك مصر أنشأ المسرح القومي الموجود بالعتبة، وانفق عليه مبلغ 20 ألف جنيها فى ذلك الوقت بمقدار 20 مليار لأن المبنى كان متهالك حين استأجره من وزارة التضامن ، وهذا الرجل الاقتصادي العظيم هو الذى كلف أمير الشعراء أحمد شوقى بكتابة أول نشيد قومى لمصر ولحنه سيد درويش " هيا إلى العلا والمجد هيا" ، طلعت حرب هو الذى أسس شركة مصر للتمثيل والسينما، وعمل 23 شركة، وهى شركات موجودة حتى الآن منهم شركة مصر للطيران، وشركة الغزل والنسيج بالمحلة للكبرى، شركة مصر للتأمين، شركة مصر للسياحة ، وكانت شركات رابحة وليست خاسرة .

■ وما هى الخطوة التالية من وجهة نظرك؟
-- للأسف الشديد حاليا المشروع توقف، ولن أكتب بعد "طلعت حرب" أى جزء جديد ،ولن أكتب إلا حين يكون هناك جهة متحمسة تعرف قيمة هذه الأعمال وتهتم بتقديمها.

■ ربما هناك تخوف من صعوبة تسويق " طلعت حرب " عربيا فتم الإبتعاد عن طرح فكرة إنتاجه كيف ترى ذلك؟

-هذه دعوة باطلة ،من قال أن مسلسل "قاسم أمين " لم يسوق عربيا ،وكل المسلسلات التى قدمتها مثل "مشرفه، وعلى مبارك "سوقت عربيا جيدا،المسألة مسألة "القدوة" ، و"قاسم أمين" كانت أفكاره تخص العالم العربى كله وليس مصر فقط ، هم لايريدون القدوة ،أيضا مشرفه قدم نموذجًا للإنسان العالم الذى حاول تقديم شئ للعلم فى مسيرته العالمية ، وكفاحه حيث توفى والده وهو طفل، وكان من الممكن هو وأسرته أن يشردوا، بل أصبح عالما ويحصل على الباشوية ويكون عميدا للكلية ،وساعد أخواته وأصبح لهم مكانتهم فى المجتمع.
"طلعت حرب" عمل فروع فى سوريا، ولبنان، والسودان، وعمل مشروعات هامة جدا فى السعودية، وكان صديق للملك سعود .

وفي ختام هذا الحوار، يظل الكاتب محمد السيد عيد رمزًا لالتزام المثقف الحقيقي بقضايا مجتمعه، حريصًا على تقديم الشخصيات "الملهمة" التي تصنع الفرق، لا لمجرد التوثيق بل لاستنهاض الهمم وتجديد الأمل في الأجيال القادمة.