حمدية عبد الغنى تكتب: ”الست” ..منى زكى بين جرأة التجسيد وإشكالية الشكل فى سيرة أم كلثوم

أثار برومو فيلم "الست" بطولة منى زكى وإخراج مروان حامد جدلا واسعا منذ لحظة طرحه، وذلك قبل أيام قليلة من بدء عرض الفيلم في دور السينما، فالانطباع الأول لدى الجمهور كان صادما، ليس بسبب الفكرة أو الجرأة في الإقتراب من سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، بل بسبب الفجوة الكبيرة بين ملامح منى زكي و الصورة الراسخة لأم كلثوم في ذاكرة الجمهور العربى "عامة" والمصرى "خاصة" .
يعتمد تجسيد الشخصيات التاريخية على ركيزتين أساسيتين: الأداء والملامح، وإذا كان الأداء يمكن انتظاره حتى عرض الفيلم للحكم عليه، فإن الملامح تظهر من النظرة الأولى، وهنا تحديدا بدأ الجدل.
ظهرت منى زكي في البرومو بملامح بعيدة تماما عن الشكل المعروف لأم كلثوم من حيث :
الإختلاف في بنية الوجه،والفارق الواضح في القوام،وتفاصيل النظرات وتعابير الوجه..
حتى محاولات المكياج لم تقرب منى زكي من صورة "الست "التي يعرفها الجميع.
وبقدر ما يمتلك مروان حامد من خبرة إخراجية، وبقدر ما تتمتع به منى زكي من موهبة في الأداء، يبقى الشكل في أعمال السير الذاتية عنصرا لا يمكن تعويضه مهما كانت قوة التمثيل.
أم كلثوم.. ليست مجرد وجه، بل صوت بحجم التاريخ.. صوت استثنائي لا يتكرر، بينما تمتلك منى زكي صوتا خافتا ومميزا لكنه بعيد تماما عن القوة والجلال الذي تميزت به "سيدة الشرق".
ورغم أن صناع الفيلم قد يعتمدون على تسجيلات أصلية أو معالجة صوتية، يظل الإحساس بالصوت جزءا من روح الشخصية، وغيابه يضعف الإيهام الدرامى مهما كانت جودة الأداء.
ومن الطبيعي أن يستدعي الجمهور إلى ذاكرته تجربة المسلسل الخالد "أم كلثوم" إخراج المبدعة إنعام محمد علي وبطولة صابرين،
رغم مرور 25 عاما على إنتاجه، ما زال العمل حاضرا بقوة لعدة أسباب أهمها:دقة إختيار البطلة،والملامح المتقاربة جدا مع أم كلثوم، والأداء المحسوب،التزام بصري وتاريخي شديد،
وهذا النجاح يصعب المهمة على أي عمل جديد يقترب من شخصية بهذا الثقل.
وهنا السؤال الذى يفرض نفسه: هل يكفي الأداء؟
بالطبع لا ..لأن مهما قدمت منى زكي من أداء عالى، ولا شك أنها ممثلة تمتلك أدوات قوية يبقى الجمهور أمام فجوة بصرية يصعب تجاوزها.
فأم كلثوم ليست مجرد رمز فني، بل تاريخ وذاكرة وهوية، وبالتالي فإن أي اختلاف واضح في الشكل قد يخلق حاجزا نفسيا بين العمل والجمهور.
فيلم "الست" خطوة جريئة، ومحاولة سينمائية كبرى لإعادة تقديم سيرة أم كلثوم بروح جديدة، لكن الحكم المسبق للجمهور على البرومو يكشف أن الأداء وحده لا يكفي، وأن إختيار الملامح المناسبة كان ضرورة لا يمكن تجاوزها في عمل يقترب من واحدة من أهم الشخصيات في تاريخ الفن العربي عملا بمثل "الجواب يبان من عنوانه" .
ويبقى السؤال: هل سينجح الفيلم في تجاوز صدمة الإنطباع الأول؟
أم سيظل "الشكل" أكبر عائق أمام تقبل الجمهور لمحاولة تجسيد أسطورة بحجم أم كلثوم؟




