الموجز اليوم
الموجز اليوم

حمدية عبد الغنى تكتب: بين دعم الشباب وتجاهل الرواد..تساؤلات مشروعة حول اختيارات وزارة الثقافة

-

أثار الخبر المتداول حول لقاء وزير الثقافة بالفنان الشاب مصطفى غريب، وما تردد عن إمكانية الاستعانة به في تدريب الممثلين ودعم المشروعات الفنية الشبابية، حالة من الجدل المشروع .

الجدل هنا لا ينصب على موهبة مصطفى غريب أو حضوره الجماهيرى ، بل على منهج الإختيار،وحدودالدور، والمسؤليات المترتبة عليه.

لاخلاف على أهمية دعم الشباب وفتح الأبواب أمام جيل جديد من الفنانين القادرين على التواصل مع الجمهور ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يكفى الحضور والانتشار، أم أن القدوة تتطلب ما هو أبعد من ذلك؟

وفي هذا السياق لفت انتباهي ظهور الفنان مصطفى غريب في صورة لقائه بوزير الثقافة مرتديا ملابس كاجوال لا تتناسب مع بروتوكول مقابلة وزير الثقافة المصرية!
قد يرى البعض أن الأمر شكلى، لكن الحقيقة أن الفنان حين يجلس مع وزير ويمثل نفسه أمام مؤسسة الدولة، لا يكون مجرد فرد، بل نموذجا يقدم للشباب.

وهنا يبرز تساؤل مشروع:
إذا كان الفنان المكلف أو المرشح للقيام بدور تدريبي أو توجيهي لم يلتفت إلى أبسط قواعد البروتوكول في مظهره، فكيف يمكن أن يكون قدوة حقيقية للشباب؟
فالقدوة لا تصنع بالموهبة وحدها، بل بالسلوك والإلتزام والوعي بالدور العام، وإحترام رمزية المكان والمسؤولية.

الملاحظة هنا لا تستهدف التقليل من الفنان الشاب، بل تكشف عن غياب رؤية مؤسسية واضحة تحدد المعايير المطلوبة لمن يتم تقديمهم كنماذج ملهمة للأجيال الجديدة، خاصة حين يتعلق الأمر بالتدريب وبناء الوعي الفنى والثقافي.

وفي المقابل، يظل إسم بحجم الفنان الكبير محمد صبحي بعيدا عن المشهد الرسمى، رغم أنه يمثل قيمة فنية وفكرية متكاملة، وصاحب تجربة راسخة في صناعة الممثل، والانضباط المسرحي، وإحترام المؤسسة، وهي عناصر لا تقل أهمية عن الموهبة.

ويزداد الأمر أهمية في ظل ما يتعرض له الفنان القدير محمد صبحي.. من مهاترات وتطاول غير مقبول من جانب البعض، ما يجعل دعم وزارة الثقافة له في هذا التوقيت واجبا معنويا ومؤسسيا، ليس دفاعا عن شخص، بل حماية لقيمة ورمز فني كبير.

القضية هنا لا تتعلق بمقارنة مباشرة بين جيلين، لأن لكل منهما موقعه وتجربته وسياقه الزمنى المختلف، بل تتعلق برؤية ثقافية أشمل ترى أن بناء الفنان لا ينفصل عن بناء الوعي والانضباط، وأن الثقافة لاتدار بالترند،ولا تبنى على الشعبية وحدها،بل على التراكم المعرفى وحماية الرموز.

لذلك دعم الشباب خطوة ضرورية ومطلوبة، لكنها لن تؤتي ثمارها إلا إذا جاءت ضمن مشروع ثقافي متكامل، يصنع قدوة حقيقية، ويحفظ هيبة المؤسسة، ويجمع بين طاقة الشباب وخبرة الرواد.. فالثقافة ليست مجرد موهبة يحتفى بها، بل مسؤولية ودور وطني يؤدى.