الموجز اليوم
الموجز اليوم
مصطفى صلاح يكتب: الذين خانوا مجدى الجلاد..ماعليهم ومالهم سعر الجنيه الإسترليني مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 1 ديسمبر 2025 سعر الريال القطري مقابل الجنيه المصري اليوم – الإثنين 1 ديسمبر 2025 استقرار أسعار الحديد في مصر اليوم – الإثنين 1 ديسمبر 2025 استقرار الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم – الإثنين 1 ديسمبر 2025 استقرار أسعار الأسمنت في السوق المصري اليوم – الإثنين 1 ديسمبر 2025 أسعار العملات اليوم مقابل الجنيه المصري في البنوك – الإثنين 1 ديسمبر 2025 أسعار الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 عند 5670 جنيهًا البورصة المصرية تغلق تعاملات اليوم الإثنين بتراجع المؤشرات وسط ضغوط المستثمرين الأجانب سعر اليورو اليوم الاثنين 1 ديسمبر 2025 في البنوك المصرية الهيئة العامة للرقابة المالية تطلق أول قاعدة بيانات لمكافحة الاحتيال في التمويل الاستهلاكي غادة جبارة..تجدد الثقة فى ادارة” مهرجان الفضاءات المسرحية ” وتعلن عن شروط المشاركة في دورته الثانية 2026

مصطفى صلاح يكتب: الذين خانوا مجدى الجلاد..ماعليهم ومالهم

ثمة خيانة لا تحتاج إلى أرشيف لإدانتها، ولا إلى شهود لإثباتها، يكفي أن يُذكر أصحابها حتى تنبعث رائحة الطمي الفاسد من سيرتهم، وكأن التاريخ نفسه يرفض أن يحملهم على صفحاته.

فمن يطعن رجلاً بحجم مجدي الجلاد لا يرتكب خيانة مهنية فحسب، بل يرتكب خيانة للعقل والضمير والحدّ الأدنى من الرجولة الإنسانية، إن خيانة الكبار ليست عثرة، بل سقوط مدوٍّ يعرّي النفوس التي مشت طويلًا متخفية خلف مظاهر الولاء، حتى إذا حانت لحظة الامتحان نزعوا أقنعتهم بارتباكٍ فاضح، وخرج ما في الصدور من دخانٍ أسود.

لقد عرف هؤلاء الخونة بُرهةً ما معنى أن يعملوا تحت راية رجلٍ يصنع وعيًا لا ورقًا، يبني مدرسةً لا مؤسسة، يعلّم صحفييه أن القلم موقف، وأن الصداقة آخر ما يُباع.

كانوا جزءًا من الضوء، لكنها كانت مشاركة عَرَضِيّة، أشبه بمن يقف قرب منارة لا ليفهم رسالتها، بل ليستعير بعض وهجها على وجهه الهزيل. وما إن تبدّل الجو، ومالت الريح، حتى انسلخوا من أنفسهم قبل أن ينسلخوا من الرجل، وكشفوا أن الولاء عندهم مجرد جسر عابر، وأن المبدأ لديهم لا يساوي إلا وزن مصلحتهم المتقلبة.

إن الخيانة التي ارتكبوها ليست من ذلك النوع البسيط الذي يقع بالخطأ، بل من النوع المركب، خيانةٌ فيها حسابات صغيرة، نفوس ضيقة، مخاوف تافهة، وحقد مكتوم كان يُسقى سرًا السنوات كلها.. كانوا يحلمون بإزاحة الرجل ليجلسوا مكانه، متوهمين أن حجمهم يسمح لهم بحمل ثِقَل إسمه ،نسوا أن المجد لا يُغتصب، وأن الهيبة لا تُورّث، وأن التاريخ لا يمنح مقعده إلا لمن يستحقه.

وحين طعنوه، لم تصب الطعنة ظهره، بل أصابتهم هم، فالذي يغدر لا يسقط من عين الناس فقط، بل يسقط من عينه أولًا، ويسقط من عين الزمن، ويصبح ذكره لعنةً صغيرةً تُرمى في الهامش ، وخيانتهم لم تكن خيانة رجل، بل خيانة مدرسة، خيانة سيرة، خيانة مهنة وقفوا يومًا على بابها يطلبون الاعتراف، وبأي وجهٍ الآن يواجهون مساءاتهم؟ بأي ضميرٍ ينامون؟ وكيف ينظرون إلى مراياهم ولا يخجلون من الصورة الباهتة التي تحدّق بهم؟

إن من يطعن مجدي الجلاد يطعن نفسه بمعول صدئ.. الرجل وأقولها يقينًا ليس في حاجة إلى شهادة أحد.. أبناء الأثر لا يحتاجون إلى التصفيق كي يبقوا، يكفي أنهم تركوا أثرًا، أما أولئك الذين خرجوا من صفه، فلا يملكون إلا ظلًّا مهتزًا فوق أرض رخوة. ظنّوا أنهم حين يخذلون الرجل يملكون لحظة انتصار، فإذا بهم يعلنون عن حقيقتهم.. أنهم مجرد ظلالٍ باهتة لرجالٍ آخرين.

وإن كان لهم ما لهم، فحتّى ذلك الذي لهم لا يرقى إلى وزن الحرف الأخير في اسم الرجل.. ما لهم أنهم تعلّموا تحت سقف مدرسةٍ صُنعت من صرامة ومسؤولية وشرف مهني.. ما لهم أنهم نهلوا من خبرةٍ لم يكونوا ليستحقوها لولا سماحة الرجل، وأنّهم وقفوا في تصدير المشهد أحيانًا، لأن القائد أراد أن يدفعهم إلى الأمام لا إلى الخلف، وما لهم أنهم جنى بعضهم ثمارًا من وجودهم في دائرة مجده، وإن لم يدركوا أنّ تلك الثمار ليست حقًا مكتسبًا لهم، بل عطية لم يكن ينبغي الإساءة إليها.

لكنّ ما عليهم، يفوق ما لهم بأضعاف، عليهم أنهم اختاروا أسوأ خروج، وأسوأ طريقة، وأسوأ لحظة عليهم أنهم لم يفهموا معنى الوفاء ولا قيمة التاريخ ولا وزن الرجال الكبار.. عليهم أنهم ظنّوا أن الدنيا تُدار بالمكائد، وأنّ مسار الأثر يمكن تغييره بوشاية، أو بخطاب مختلق، أو بهمسة في أذن صاحب قرار.. عليهم أنهم حين باعوا، باعوا أنفسهم، لا الرجل، فمن يخون رجلًا مثل مجدي الجلاد، إنما يعلن إفلاسه الأخلاقي جهارًا نهارًا، ويتجول مكشوفًا أمام الناس بلا قيمة ولا هيبة ولا وزن.

ولأن الحقّ لا يغيّبه المخذلون، سيبقى الرجل مهما اشتدت العواصف ثابتًا كجبلٍ يعرف أصله، يعرف حجمه، يعرف طريقه. لا يهتز بمن غدروا، فالكبار لا يهتزّون بطعنات الأقزام، إنما يهتزّ الأقزام حين يقفون أمام سيرتهم، ويجدون أنها خالية من أي مقام، وأنهم اشتهروا بالخيانة أكثر مما اشتهروا بأي إنجاز.

وهكذا، فإن الذين خانوا مجدي الجلاد لم يسقطوا الرجل؛ بل سقطوا منه، وسقطوا من أنفسهم، وسيسقطون من ذاكرة الزمن حين يُكتب ما يُكتب ويُمحى ما يُمحى،وما يبقى في النهاية هو الأثر، والأثر عند الرجل محفوظ، راسخ، لا تهزّه رياح الخيبة ولا تلوّثه أيدي الغادرين.

هذه هي قصتهم الحقيقية.. ما لهم ظلّ، وما عليهم جبل، أما الرجل، فمكانه محفوظ فوق الهامة، مهما حاولوا أن يطفئوا ضوءه بما في صدورهم من سواد.