حمدية عبد الغنى تكتب: حين يعلو الظلم ..ويغتر الظالم

ما أقسى أن ترى الظالم يستعلي، وكأن شيئًا لم يكن! يخطئ، ويتمادى، ويستهتر، ثم يسير في الأرض كأنها مفروشة له، لا يوقّره عقل، ولا يُقيده ضمير.. يتبجّح بسلطانه الزائف، ويجعل من غروره تاجًا يتباهى به في أعين من باعوا الإحساس بالعدل.
ومثال ذلك ما رأيناه في قصة ذلك الطيار الذي جُرِّد من عمله، لا لذنب اقترفه، بل لأن فنانًا أراد أن يُضحك جمهوره، وينفّذ "مشهدًا" في واقع الناس لا على خشبة المسرح.. ذلك الطيار الذي مات بالحسرة، وترك خلفه أسرة تدفع ثمن استهتارٍ لم يكن لها فيه يد.
لكن ما يثير القلق أكثر هو استمرار الظالم في طغيانه دون أن يرف له جفن، ومع مرور الزمن، يبدو أن الله لا يغفل عن أفعاله، وما حدث من تصرفات نجله، عندما ضرب طفل لايتعدى عمره 11عاما فى أحدالنوادى، وتم الحكم عليه من محكمة الطفل بإيداعه إحدى دور الرعاية ، ليس إلا صورة من صور العدالة الإلهية.. لا أحد يستطيع الهروب من تبعات أفعاله، مهما حاول أن يتفاخر أو يستهتر.
لقد تكشف لنا من خلال هذا الموقف أن "الجزاء من جنس العمل"، وأن الظلم لا يبقى بلا ثمن، مهما كانت حجج الظالم.. ففي لحظة، نجد أن الذي كان يظن أنه بعيد عن حسابات الحياة، أصبح في مرمى العدالة..إن ما جرى هو درس قاسي للغافلين، بأن الأيام دوّارة، والحق لا يموت، وإن سكت حينًا.
ولأن الظلم لا يمر، فإن العدل الإلهي لا يغيب، وحين يأتي العقاب، لا يأتي من حيث ننتظر، بل من حيث لا يحتسب الظالم نفسه.. أن يُبتلى في فلذة كبده، أن يُذاق من الكأس الذي أذاقه لغيره، ليس شماتة، بل درس سماوي يُعلّمنا أن الأيام دوّارة، وأن الله يُمهل ولا يُهمل.
"ولا تحسبنّ الله غافلًا عمّا يعمل الظالمون".
فلا تغتر بمن يعلو اليوم بباطله، فالحق لا يموت، وإن سكت حينًا،
ولا تيأس إن رأيت الظلم ينتفش كغيمة سوداء، فعدالة السماء لا تعرف تقادمًا ولا تُغلق فيها ملفات.