الموجز اليوم
الموجز اليوم

وجدى وزيرى يكتب: ترامب ..وحمامة السلام المذبوحة

ترامب وحمامة السلام المذبوحة
بصوت العروبة والحق والجرح النازف ..ها هو التاريخ يعود إلينا في ثوبٍ آخر، يكرر النغمه المرة على أوتار المأساة الفلسطينية، ولكن هذه المرة لا يأتي الاحتلال بخيوله، بل يأتي بمكر السياسة ومزامير الكذب الأمريكية، محمولًا على أكتاف خطة تنضح قبحًا وتفيض قهرًا: خطة لاقتلاع مليون فلسطيني من أرضهم، من غزة، من شريان الكرامة الأخير، لترحيلهم إلى ليبيا، وكأن الإنسان الفلسطيني رقمٌ في معادلة سياسية، أو طرد بريدي يمكن توجيهه إلى "اللامكان". وهى خطة كشفتها شبكة "أن بى سي " وقالت إن الخطة قيد الدراسة بشكل جدى لدرجة أن الإدارة الأمريكية ناقشتها مع القيادة الليبية، والمقابل تقدم القيادة الامريكية مليارات الدولارات من الأموال التى جمددتها الولايات المتحدة لليبيا.
أهذا هو السلام؟ أم أنها حمامة أخرى تُذبح على مذبح المصالح؟
تلك الحمامة التي طالما وعدونا بها، ها هم الآن يمسكون بها من عنقها، يخططون لذبحها جهارًا، فيما يصوغ ترامب ومعاونيه أسوأ سيناريو تطهيري عرفه العصر الحديث. أرادوا تحويل غزة إلى منطقة "حرة"، ولكن حرة من أهلها، من دمها، من تاريخها. أي حرية هذه التي تبدأ بالتهجير وتنتهي بالتوطين القسري؟ أي حرية تُشترى ببضعة مليارات جُمّدت لعشر سنين، ثم تُقدم كرشوة لدولة تنهشها الفوضى كي تحتضن شعبًا يريد فقط أن يبقى في وطنه؟
غزة تنزف... ولا أحد يسمع الصراخ.
المذابح الإسرائيلية تتوالى كل يوم، أطفال تحت الأنقاض، عائلات تُمحى من السجل المدني، والدم الفلسطيني يُسكب على مرأى العالم دون أن تهتز ضمائر. عشرات المجازر ترتكبها آلة الحرب الصهيونية، لا تفرّق بين بيت ومسجد، بين حضن أم ومدرسة، وكل هذا تحت ستار "الدفاع عن النفس"، بينما الضحية تُحمّل عبء الجريمة.
صوت العروبة يصرخ: لا ترحلوا!
غزة ليست للبيع، وفلسطين ليست صفقة، وأبناءها ليسوا قطع غيار يمكن استبدالها حيث تشاء أمريكا أو حيث تومئ إسرائيل. أيُّ جرم هذا الذي يرتكب باسم السياسة؟ وأيُّ خزي أن يُناقش مصير أمة في دهاليز واشنطن وتل أبيب بينما يُغتال التاريخ وتُهدم البيوت وتُقطع الأرحام؟
ومصر... قلب العروبة النابض.
كانت وما زالت مصر حجر الزاوية في الدفاع عن فلسطين، صوتها لم ينكسر، ومواقفها لم تتغير. من معارك 48 وحتى هذه اللحظة، بقيت مصر حاضنة للمقاومة، وسندًا للفلسطيني الذي طُعن من خاصرته. فتحت معابرها، أرسلت مساعداتها، وقدمت الشهداء، وتحدثت حيث صمت الآخرون. مصر لم تتاجر بالقضية، ولم تتخلّ عنها لحسابات ضيقة أو تحالفات طارئة.
أما بعض العرب...
فيا حسرتاه. أين أنتم؟ أين جامعتكم الميتة؟ أين بياناتكم التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ بعض الأنظمة تآمرت، وبعضها صمت، وبعضها باع القضية على أرصفة التطبيع، وكأن فلسطين ليست من لحمهم ودمهم، وكأن الكرامة العربية أصبحت "مكالمات مجاملة" وبيانات "قلق شديد".
إلى ترامب ومن يخططون خلف الأبواب المغلقة نقول:
لن تُمحى الذاكرة، ولن تُشترى الإرادة، ولن يُنسى المفتاح. الفلسطيني لن يرحل.

من لجأ إلى الخيام عام 48، أنجب جيلًا يُقاتل الآن في الأزقة وعلى الحدود، لا ليهرب، بل ليعود. والذين تسعون لنفيهم إلى ليبيا، سيحملون الوطن معهم كجواز سفر لا تنتهي صلاحيته أبدًا.
حمامة السلام المذبوحة، لن تكون النهاية
بل ستولد من دمها ألوف الحمائم، وسيظل الفلسطيني صامدًا، رافع الرأس، ممتشقًا حقه، مرددًا في وجه الطغيان: "لن نرحل.. ولن ننسى.. ولن نسامح".
وهذه صرخة العروبة الأخيرة:
من لا يدافع عن فلسطين.. لا يستحق أن يُسمى عربيًا.