الموجز اليوم
الموجز اليوم
القومى لثقافة الطفل..يطلق مسابقة” وفاء النيل” ميراثك تراثك ..بين ”الخيامية” وسحر الأواني بأوبرا دمنهور محمد نبيل ..يطرح أغنية جديدة بعنوان ” يقطع الثانوية العامة ” تزامنًا مع إعلان النتائج يزن السعيد..يطرح أحدث أعماله الغنائية ” فى بالى” تخفيض أسعار تذاكر صيف الأوبرا 2025 فى إستاد الأسكندرية احتفالا بالعيد القومى للمحافظة مهرجان الغردقة لسينما الشباب يطلق مسابقة للفيلم السياحى النادي الدولي لسفراء السلام في نيويورك يدين مصادقة كنيست كيان الإحتلال فرض السيادة الاسرائيلية فى الضفة الغربية ..ويطالب بتجميد عضويته فى الإتحاد... ”3” طرق للحصول على تذاكر صيف الأوبرا 2025 بإستاد الأسكندرية الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيص جديد لمواقع إلكترونية المسلماني فى مالى: الأمن الحضارى للعالم الإسلامي يبدأ من ” تمبكتو” إيهاب توفيق..والموسيقى العربية فى إفتتاح صيف الأوبرا 2025 بإستاد الأسكندرية العلمى البرتولى..فنان تشكيلى مغربى رسام الملوك الثلاث يواجه المرض بعد عقود من العطاء

السفير الدكتور الحبيب النوبي يكتب: نعمة الأمن والأمان

مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ الله تعالي علينا نِعْمَةُ الأَمْنِ وَالِأمان؛ فهي نِعْمَةُ عظيمةٌ لَا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ..

فَفِي ظِلِّ الأَمنِ والإيمانِ تُحفَظُ النُّفُوسُ، وَتُصَانُ الأَعرَاضُ، وَتُعمَرُ المَسَاجِدُ وَتُقامُ الصَّلَوَاتُ، وَيُؤمَنُ عَلَى الأَموَالُ والممتلكات، وتنتعشُ الأسواق، وتستقيم الأمور.. فالْأَمْنُ والأمان أيَّها الكرام: أُساسٌ من أساسيات الحياةِ، وضَرُورَةٌ من أهمّ الضَّرُوريّاتِ؛ والضَّرُورِيَّاتُ الْخَمْس الَّتِي اتَّفَقَتْ كُلُّ الشَّرَائِعِ عَلَى حِفْظِهَا، وَهِيَ الدِّينُ وَالنَّفْسُ وَالْعَقْلُ وَالْعِرْضُ وَالمَالُ، لَا تُحْفَظُ إِلَّا بِالْأَمْنِ.. فَإِذَا اخْتَلَّ الْأَمْنُ عياذًا بالله، تعرضت هذه الخمسُ كُلُها للخطر.

إِذَا اخْتَلَّ الْأَمْنُ لا قدَّر الله، فلا تسل عن إزهاق الأرواحِ بلا ثمن، ولا عن انتشار الْفَوْضَى في كل مكان، ولا عن فساد الأخلاق وتَوْحُشِ الطبِاع، وَلا عن شيوع الظلمِ وتعدِي الأقوياءِ على الضعفاء..

إذا اختلَّ الأمنُ عياذً بالله: فلا هناءةَ بعَيشٍ، وَلا لذةَ بطعامٍ، وَلا راحةَ ولا طُمأنينة.. إِذَا اخْتَلَّ الْأَمْن: توقفت عجلتُ الحياة، بل إنها تتراجعُ الى الوراء.. فيتعطل البناءُ والازدهار، ليحِلُ محلّهُ الدّمارُ والخراب، ويتوقفُ التَّعليمُ، ليحِل محلَّهُ الجهلُ والتَّخلف، ويتوقفُ الإنتاجُ، ليحِلُ محلَّهُ الفقرُ والديون..

إِذَا اخْتَلَّ الْأَمْنُ يا عباد الله: تسلَّطَ اللُّصُوصُ والمجرمونَ عَلَى الْأَعْرَاضِ فَانْتَهَكُوهَا؛ وَعَلَى الْأَمْوَالِ والممتلكات فَانْتَهَبُوهَا؛ وعلى النظام والقوانينِ فخالفوها، وعلى كُلِّ جميلٍ في الحياة فأفسدوه وخربوه..

تُعد نعمة الأمن والاستقرار من أجل النعم التي امتن الله (عز وجل) بها على عباده، حيث يقول سبحانه وتعالى ممتنًّا على قريش: “لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ”، ويقول سبحانه وتعالى ممتنًّا على مكة وأهلها: “أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ”، ويقول سبحانه: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَما آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ”، ويقول سبحانه: “وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا”.
على أن القرآن الكريم يربط بين الأمن والإيمان، والحفاظ على هذه النعمة وعدم جحودها أو إنكارها أو نكرانها، أو الخروج على مقتضيات الحفاظ عليها، فيقول الحق سبحانه: “الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ”، ويقول سبحانه: “لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ”، ويقول سبحانه: “وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ”.
ولنا في الحاضر من حولنا عبرة ومتعظ بحال تلك الدول التي سقطت في براثن الفوضى والتفكك، والتشرذم والتمزق، ما بين لاجئ مشرد، أو قتيل، أو مصاب، أو مقعد، أو مشوه، أو عاجز، أو فاقد للأمن، وفاقد للأحبة، في كروب شديدة، يفتقدون أبسط مقومات الحياة، وفي مقدمتها نعمة الأمن والأمان والاستقرار، فلا استثمار بلا أمن، ولا نهضة بلا أمن ، ولا حياة بلا أمن .
على أن الحفاظ على هذه النعمة يحتاج منا إلى عدة أمور:
أولها : شكر الله (عز وجل) عليها، حيث يقول الحق سبحانه: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”، والشكر ليس في المال فحسب، وإنما في سائر النعم .
ثانيها: هـو وحــدة الصــف، وإدراك حجـم التحـديــات التــي تواجهنـا، والأخذ بقوة على أيدي دعـاة القتـل والفوضى والتخريب.
ثالثها : التضحية في سبيل الله والوطن ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “أَلا أُنَبِّئُكُمْ بليلةٍ أفضلَ من ليلةِ القدرِ؟ حارِسُ الحَرَسِ في أرضِ خَوْفٍ لعلَّهُ ألَّا يرجعَ إلى أهلِهِ”.
رابعها : تعميق وترسيخ الولاء والانتماء الوطني، والاعتزاز بالوطن والاستعداد لفدائه بالنفس والنفيس مع الشعور بفضله، والحفاظ على ترابه وثراه، والتأكيد على أن الوطنية ليست نقيضًا للدين أو مقابلا له، بل هي من صلب الدين، وهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول مخاطبًا مكة المكرمة: “مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلْدَةٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ، مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ”.
وفيما رواه الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى الْحَزْوَرَةِ، فَقَالَ: “عَلِمْتُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللهِ ، وَأَحَبُّ الأَرْضِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَوْلاَ أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ”.