آمال البندارى تكتب: لماذا مصر هى دولة التلاوة؟
لكى نعرف لماذ مصر هى دولة التلاوة فإن علينا استدعاء تاريخ طويل من العمل، والعلم والاجتهاد، والدراسة، والإبداع.
فمصر تحيرنا كما لم يحيرنا أحد،
مصر هى البلد التى خرج منها الإمام ورش صاحب أشهر رواية لقراءة القرآن الكريم بعد رواية "حفص عن عاصم" وخرج منها الشيخ "أحمد ندا "مؤسس مدرسة القرآن الكريم المصرية الحديثة ، وهى نفس البلد التى أنشأت أول إذاعة للقرآن الكريم على وجه الأرض عام 1964، وهى البلد التى خرج منها الشيخ محمد رفعت الذى افتتح بث الإذاعة المصرية سنه 1934، والذى طلبت منه الإذاعة البريطانية تسجيلات بصوته فسجل لهم صورة مريم (تعبيرا عن الوحدة الوطنية ضد المحتل) ،وهى نفس البلد التى أخرجت الشيخ الضرير أحمد عبد العزيز الزيات صاحب العلوم الشرعية والعربية والمستشار العلمى لمجمع الملك فهد لقراءة المصحف، وهى أيضا نفس البلد التى جعلت روايه حفص عن عاصم هى الروايه الأكثر انتشارا فى العالم، وهى الرواية التى كان يقرأ بها الرسول الكريم ،ومن بعده أهل المدينة،
وهى من طبعت مصحف القاهرة عام 1924 فأصبح المصحف الرسمى المعتمد فى كل دول العالم الإسلامي.
بعد ذلك مصر منذ مائة عام أسست لجنه لمراجعه المصحف الشريف فأصبح مصحفها هو المصحف الذى تطبع من بعده السعودية وتركيا، وكل بلاد شرق آسيا، ومصر هى الدولة التى طيعت صوتها على خريطة العالم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذى كان يطلبه الملوك والرؤساء رسميا لقراءة القرآن فى المحافل الرسمية فى شتى بقاع الأرض، وهى الدولة التى أنجبت الشيخ الحصرى الذى علم جميع مقرئين عصره فى البلاد غير العربية مخارج الحروف الصحيحة حتى أصبحت تركيا ، وماليزيا، وإندونيسيا، وشرق آسيا، وبلاد أفريقيا يعتمدون طريقته فى تعليم القراءة بنسبة 80%.
مصر هى الدولة التى أرسل لها الإتحاد السوفيتى خطابا رسميا عام 1968 يطلب وفدا من القراء المصريين لإحياء ليالى رمضان فى موسكو .
مصر هى الدولة التى أنجبت الشيخ محمد صديق المنشاوى الذى وبعد عشرات السنين من وفاته فإن صوته هو الأكثر تداولا عبر السويشال ميديا .
مصر هى البلد التى كانت تحمل اسطونات قرائها على ظهور القوافل لتصل إلى السودان وبلاد أفريقيا.
وأخيرا وليس آخرا ..مصر دولة لم تقدم أصواتا مبهرة وعذبة فقط، بل قدمت علما ومدارس تلاوة منذ مئات السنين، وهى منبر عالمى فى علم القراءة ،والتجويد ، وهى مدرسة صوتيه روحانية فريدة ، وتستحق عن جدارة أن تكون دولة التلاوة.
