الموجز اليوم
الموجز اليوم
شيرين عن وفاة سمية الألفي: ست أصيلة كانت قاعدة تحت رجل طليقها ”فاروق الفيشاوى” فى مرضه مصطفي صلاح يكتب: ”نحنة ” برنامج ”تفاصيل ” بين الجهل والثقافة إنجاز جديد بالبحيرة .. تفاصيل أول مشروع لزراعة البن في مصر سمية الألفي..محطات لاتنسى فى حياة الفنانة الراحلة يلاشوت بلس4k.. بث مباشر مباراة ريال مدريد وإشبيلية في الجولة 18 من الليجا صدمة في الدوري الإنجليزي.. ليفربول يواجه توتنهام بدون صلاح _ هل ينجح الريدز في القمة؟ بث مباشر مباراة ليفربول وتوتنهام اليوم في الدوري الإنجليزي الممتاز.. بجودة عالية HD مانشستر سيتي يتقدم على وست هام بهدفين في الشوط الأول مبابي يقترب من رقم قياسي في ريال مدريد ضد إشبيلية.. هل يحطم رقم رونالدو؟ حسام حسن يقود منتخب مصر في افتتاح كأس الأمم الإفريقية 2025 أمام زيمبابوي أرسنال يواجه إيفرتون في الجولة 17 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. الموعد والقنوات الناقلة ريال مدريد يواجه إشبيلية اليوم في الجولة 17 من الدوري الإسباني.. الموعد والقنوات الناقلة

مصطفي صلاح يكتب: ”نحنة ” برنامج ”تفاصيل ” بين الجهل والثقافة

الإعلام أداة، والشاشة سلاح، والمذيع مسؤولية، وفي مصر اليوم يصبح هذا الأمر واضحًا أكثر من أي وقت مضى حينما نلتفت إلى برنامج «تفاصيل» الذي تقدمه نهال طايل على قناة صدى البلد. هذا البرنامج، الذي يتباهى بأنه يقدم «الواقع الاجتماعي»، ليس إلا نموذجًا صارخًا لفشل إعلامي متعدد المستويات: من الفكرة إلى الإعداد، ومن الأداء إلى الإدارة، وصولاً إلى مضمون اللغة والإسكريبت. لا جديد، لا عمق، لا قيمة معرفية. مجرد تكرار لنماذج استهلاكية عاطفية فارغة.

فكرة البرنامج فقيرة ومكررة، تكاد تكون نسخة مشوهة من برامج عديدة سبقتها على الشاشات المصرية، قائمة على أساس استدعاء حالات مأساوية، ضيف منكسر، قصة مؤلمة، دموع على الهواء، ونبرة مشحونة بالعاطفة. هذا البناء البسيط لا يرقى للإعلام، ولا يقدم أي إضافة فكرية. لا توجد رؤية حقيقية، لا تحليل للأسباب، ولا تفسير للجذور الاجتماعية أو الاقتصادية للأزمات المطروحة. كل ما في الأمر استعراض للوجع، وتحويل الألم الإنساني إلى مادة استهلاكية للترفيه المؤقت.
ولا يقتصر الخلل على الفكرة وحدها، بل يمتد إلى الإسكريبت وفرق الإعداد برئاسة أحمد سامي، حيث يظهر جليًا أن الفريق غير قادر على صياغة حلقات متماسكة، أو بناء حوار منطقي، أو تقديم تسلسل واضح للأسئلة، أو إنهاء الحلقة بخلاصة معرفية. الحلقات تبدأ وتنتهي عند نقطة واحدة: عرض الألم على الهواء، دون أي مسار معرفي أو تفسيري. هذا الضعف الإعدادي لا يُبرر، ويضع البرنامج في خانة الإعلام الفاشل الذي لا يقدم أي قيمة للمتلقي.
أما الأداء الإعلامي لمقدمة البرنامج، نهال طايل، فهو يعكس ضعفًا مزدوجًا: ضعف اللغة، وضعف القدرة على إدارة الحوار. فالبرنامج لا يُدار، بل يُترك للانفعال، والمذيعة تتماهى مع الضيف، وتغيب المسافة المهنية الضرورية. هذا يخلق خللًا واضحًا في الوظيفة الأساسية للمذيع، الذي يفترض أن يكون وسيطًا محايدًا بين الحدث والمشاهد، لا طرفًا في المشهد. لغة الجسد، نبرة الصوت، والإصرار على تحويل كل موقف إلى عاطفة مفتوحة، يجعل المشاهد رهينة للانفعال اللحظي، لا وعي البرنامج.
وتتجلى أزمة اللغة بشكل فادح في لفظها «ابكوا معنا» أثناء إحدى الحوارات مع رجل دين، فيما كان القصد «ابقوا معنا» لمتابعة البرنامج. هذا الخلل في مخارج الحروف ليس مجرد زلة بسيطة، بل كشف عن غياب الانضباط اللغوي وفقدان أساسيات النطق السليم، ما يحول أي دعوة للمتابعة إلى استدعاء صريح للبكاء، ويبرز بوضوح مدى استسهال اللغة العربية في هذا البرنامج.
البرنامج، بأكمله، يقوم على استغلال مشاعر المشاهدين بوصفها أداة جذب، وليس على تقديم محتوى معرفي. النجاح يُقاس هنا بالدموع، لا بالفهم، ولا بالتحليل، ولا بالقدرة على تفسير ما يحدث داخل المجتمع. الإنسان يُقدم كحالة إنسانية منهارة، والمأساة تتحول إلى سلعة، والجمهور إلى مستهلك للبكاء. هذه الطريقة تؤسس ثقافة خطيرة: اللجوء للشاشة بدل القانون، والاستعطاف بدل الحلول المؤسساتية، والفوضى بدل النظام.
الفريق الإعدادي تحت قيادة رئيس التحرير أحمد سامي يتحمل مسؤولية واضحة في هذا الانحدار. غياب الإسكريبت المحكمة، وغياب أي محاولة لرفع مستوى الحوار، وتركيز كل الجهد على استدرار المشاعر، كل ذلك يكشف عن ضعف إداري ومهني فادح. الإعلام لا يمكن أن يكون مجرد عرض للألم على الهواء، ولا يمكن أن تتحمل المذيعة وحدها مسؤولية هذا التدهور، بل هو انعكاس لفشل الإدارة والفكرة وفريق الإعداد كله.
تصوير هذه الحالات بهذا الشكل، دون إطار تحليلي أو سياق معرفي، لا يقدم صورة حقيقية عن المجتمع المصري، بل يصدر للعالم نسخة مشوهة، مختزلة في الألم، والمآسي الشخصية، والدموع المتواصلة. مصر ليست فضاءً للبكاء، بل أرض للتحدي والفكر والعمل، وبرامج مثل «تفاصيل» تعكس قصور الرؤية الإعلامية، وتخضع المشهد للتأثير اللحظي، وليس للفهم الدائم.
من هذا المنطلق، تصبح الرسائل واضحة وصارمة: إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ضرورة مراجعة هذه النوعية من البرامج التي تستدرج المشاعر، وتختزل نجاحها في عدد الدموع، لا جودة الطرح أو قيمة المعرفة. إلى إدارة قناة صدى البلد، وإلى محمد أبو العينين، صاحب الشبكة، الرسالة نفسها: الإعلام مسؤولية وطنية، وليس مجرد منصة لجذب المشاهدات عبر المعاناة، والشاشة التي تصل إلى ملايين البيوت لا يجوز أن تتحول إلى فضاء للفوضى العاطفية، بل يجب أن تكون مساحة للفهم، والتحليل، والوعي، وبناء العقل الجمعي.
في المحصلة، برنامج «تفاصيل» ليس شريرًا، لكنه مضلل تمامًا. لا يسب ولا يقذف، لكنه يفرغ الإعلام من معناه، ويحول المعاناة الإنسانية إلى مادة استهلاكية، ويصنع صورة مشوهة عن الواقع، ويستثمر العاطفة بدل العقل.

هذه ليست إدانة شخصية، بل نقد صارم لمفهوم الإعلام الذي يعيد إنتاج الجهل تحت ستار الثقافة، ويجعل المشاهد أسير الدموع، لا العقل. وإذا أراد الإعلام المصري أن يحافظ على مصداقيته، فإن إعادة النظر في هذا البرنامج، وفكرته، وفريق إعداده بقيادة أحمد سامي، وأداء مقدمة البرنامج نهال طايل، ليس خيارًا، بل ضرورة لا غنى عنها.

https://www.facebook.com/share/v/17BagBeUen/