الموجز اليوم
الموجز اليوم
لقاء سويدان..تكشف مفاجآت فى حلقة مؤثرة مع أهالي ضحايا حادث المنوفية ”ميم الإبداعية للفنون” تعلن عن تأسيس ”السينمائيون الجدد” فى الرياض بالشراكة مع ”هنا المستقبل” ”صوت الأردن ” الفنان عمر عبد اللات نجم إفتتاح ” مهرجان جرش” 2025 ريتاج الصالح ..تخوض أولى تجاربها فى الدراما المصرية بعد نجاحها فى الخليج 9كليبات فى موسم صيف 2025 تجمع ..المغازى وبتول عرفه وفادى حداد بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة لتعزيز الخدمات المالية والشمول المالى بالوزارة ومراكز الشباب وائل كفوري..يطرح ”بدى غير فيكى العالم” أولى أغنيات ألبوم ”WK25” نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى أداة مهمة لمواجهة التحديات وجدى وزيرى يكتب: 30 يونيو .. ملحمة شعب غدا..مؤتمر صحفى لإطلاق النسخة الثانية من قمة ” الإبداع الإعلامي للشباب العربي ” مسرحية ”سقراط الحتة” تبهر جمهور مسرح تياترو آفاق انطلاق مؤتمر الكوتشينج الدولي ICC 2025 من دار الأوبرا المصرية بمشاركة خبراء عالميين

الفنان المغربى عبد السلام الخلوفى ..يصدر كتاب ”صنعات وحكايات” من الموسيقى الأندلسية المغربية

أصدر الفنان والباحث الموسيقي المغربي عبد السلام الخلوفي، كتابًا يحمل إسم "صناعات وحكايات" من الموسيقى الأندلسية المغربية، والذي يعد محاولة للمساهمة في التأليفات المتعلقة بهذا الفن الباذخ، ولكن من وجهة أدبية صرفة.

وكانت قد صدرت أعمال تقارب الجوانب التاريخية وكتب خاصة بالأشعار المغناة في مختلف النوبات من أجل توفير المتن الشعري لكل من يود أداء طرب الآلة، وكتب أخرى اختارت التدوين الموسيقي لنوبات الآلة، لكن عنصرا هاما وأساسيا بقي فيه نقص حاصل، وهو كيف يفك الممارس والمتلقي مغالق بعض النصوص المؤداة، لذلك كان هذا الكتاب الذي توجه لأصغر مكون لكل ميزان من ميازين النوبات، وهي الصنعة والمقصود بها كل مقطوعة شعرية موجودة في هذا الطرب سواء كانت من الفصيح أو من الموشح أو من الزجل أو من البرولة وأقصد الأشعار المنظومة بالعامية المغربية، ومحاولة موقعته ضمن نصه الأصلي وتفكيك بنيته لغة وعروضا وبلاغة ومعانيَ، لأني أعتبر أن مسألة فهم الأشعار هي مدخل أساسي للتذوق الواعي.

وفي هذا الصدد، أوضح عبد السلام الخلوفي، أن هناك دوافع كثيرة ومتشعبة كانت وراء الإصدار، فموضوعيا تعلم النصوص المغناة في هذا الطرب، ليست قصائد كاملة، وإنما هي إما أبيات منتقاة من قصائد عمودية فصيحة، لشعراء أندلسيين أو مغاربة أو مشارقة، أو عبارة عن أقفال وأدوار مختارة من موشحات وأزجال أو عبارة عن أقسام من قصائد ملحونة بالدارجة المغربية، وهذا التباين بين مرجعيات النصوص "الصنعات" وتتابعها وتداولها في الميزان الواحد، يشكل أول العوائق في مسألة استيعاب النص وبالتالي فهمه وتذوقه، من جهة ثانية بنية الألحان الأندلسية تعتورها هناتٌ عديدة، من ذلك مد ما لا يليه حرف مد، وبخس حروف أخرى من مدها رغم وجود ما يستدعي ذلك، بالإضافة بين تقطيع الكلمات في الجمل اللحنية، وكذا التفريق بين عنصرين لابد لهما من التتابع لتمام المعنى، بالعديد من التراتين والنانات (تيريطان/ تيريطاي/ يا لا لان / ها نانا) التي استعملت في هذه الألحان لإتمام الأدوار الإيقاعية، فمثلا في صنعة: ليلُ الهوى يقظان، في ميزان بطايحي العشاق، نغني المبتدأ: ليلُ ونكرره ثلاث مرات، قبل أن نقرن معه المضاف إليه: الهوى، ثم نشرع في غناء العنصرين بشكل معكوس بداية من المضاف إليه إلى المبتدأ، هكذا: الهوى ليلُ، ونتبع الغناء بمجموعة من النّانات (ها نّانا) بشكل متكرر قبل أن نغني الخبر: يقظان، وعليك أن تتخيل العديد من الحالات المشابهة في الأنساق اللحنية لطرب الآلة، ولعل ما يزيد من تعميق الهوة بين مضمون الغناء وسلامة التلقي، هو الأداء الجماعي لهذا الطرب، إذ مسموح فيه الجماعي أن يؤدي وقتما شاء ويصمت وقتما شاء، فتخفت الأصوات أو ترتفع، وقد يبدأ الواحد من المنشدين الجملة في الطبقات الحادة أي الجوابات وعندما يعسر عليه إكمالها قد يصمت أو يكملها في المنطقة الخفيضة أي القرار، بالإضافة لكون طرب الآلة من الأشكال الغنائية التي تتبنى الهيتيروفينية كمبدأ في الغناء، أي كل شخص يمكنه أن يغني نفس الجملة اللحنية بطريقته الخاصة بتنميقها بإحساسه اللحظي، وهذا ما يترتب عليه ضبابية في التلقي فالمستمع لا تصله بوضوح إلا كلمات متطايرة وبعض التراتين والنانات، ولعل هذا ما جعل الكثيرين يختزلون تسمية طرب الآلة بتريطاي يا لالان أو هانانا.

من الناحية الذاتية مارس الأستاذ عبد السلام الخلوفي، هذا الفن منذ نعومة أظافره، فمنذ 1983 التحق بجوق المعهد الموسيقي لمدينة طنجة بقيادة أحد أعلام الآلة الكبار الشيخ أحمد الزيتوني، وشارك معه في العديد من المهرجانات الوطنية بفاس وشفشاون وآسفي وغيرها، كما اشتغل مع جوق العربي السيار بقيادة المعلم محمد العربي المرابط عازفا على العود ومنشدا ثم أسس تجربتي الخاصة جوق ليالي النغم أواسط الثمانينات وجاب العالم بهذا الطرب في البلدان المغاربية والعربية ودول الخليج وأوروبا وأمريكا، أي مارس هذا الفن لما يزيد عن أربعين سنة، سمحت له أن يخبر هذا الفن وطرق أدائه من واقع الممارسة، فكان يلاحظ أن كثيرين يستشكل عليهم أمر فهم الكثير مما ينشد في هذا الطرب، وقد يؤدى أحيانا محرفا، وبالرغم من محاولة البعض التوسل بمعاجم اللغة لتقريب المعاني فقط، فالمعنى يبقى ناقصا لأن النصوص المغناة منتقاة بعناية، فأصبح أمر هذا التأليف من أوكد المؤكدات، ووما ساعد الفنان والباحث عبدالسلام الخلوفي، هو خبرته الطويلة في مجال التربية والتعليم، حيث اشتغل مدرسا للغة العربية مدة 33 سنة وكان أستاذا مكونا لأساتذة التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي لهذه المادة في المركز الجهوي للتربية والتكوين بالرباط، وعلى علاقة دائمة مع علوم النحو والصرف والبلاغة والعروض وفقه اللغة والسير والنقد الأدبي والأجناس الأدبية، فكانت هذه الثمرة صنعات وحكايات من الموسيقى الأندلسية المغربية.

أما عن اختيار عنوان "صنعات وحكايات من الموسيقى الأندلسية المغربية" فذلك راجع للغرض من التأليف، حيث يستهدف أساساً هو وضع الصنعة أي المقطوعة الشعرية الواحدة تحت المجهر، وكل صنعة تخفي وراءها حكاية بل حكايات سواء تعلق الحكي بالشاعر أو بزمانه أو بالظروف التي قيلت فيها، وبعلاقاتها المتشعبة مع بقية الأبيات المشكلة للقصيدة الأم، أو علاقة الصنعة بصنواتها التي تسبقها أو التي تليها، ومختلف تقاطعات الصنعة مع مثيلات لها في المعنى أو المبنى، وبما أن الصنعات الثلاثين التي اخترتها لهذا الكتاب تغنى في موسيقانا الأندلسية المغربية، فكان لابد أن يعكس عنوان الكتاب كل هذه المعطيات.

وتجربة التأليف بالنسبة ليست وليدة اليوم، هي تعود لأزيد من عشرين سنة ماضية، حيث حضر الباحث عبد السلام الخلوفي سلسلة للتراث المغربي، تتطرق لمجموعة من الفنون الأصيلة وكل لون على حدة: طرب الآلة ذلك التراث الفني الباذخ، الملحون فن القول المغربي البليغ، أضواء على الطرب الغرناطي المغربي، المديح والسماع في المغرب من النشأة إلى اليوم، غير أن هذه الأعمال نشرت فقط على شكل سلسلات في الصحف المغربية.

هذا الإصدار هو أول الغيث للفنان والباحث المغربي عبدالسلام الخلوفي ستليه بكل تأكيد أعمال أخرى، بحيث سيخص كل نوبة من النوبات الإحدى عشرة في الموسيقى الأندلسية المغربية بكتاب مستقل، خدمة لهذا التراث ولإيصاله للأجيال المقبلة.