تراثك ميراثك..
الأعلى للثقافة يحتفى بإسم رائد الأدب الشعبى والفلكلور الدكتور ” أحمد على مرسى” بمتحف الطفل

تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، بإشراف الدكتور أشرف العزازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور أحمد بهي الدين العساسي، رئيس الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية؛ انعقدت أمسية ثقافية وفنية للاحتفاء باسم رائد الأدب الشعبي والفلكلور الدكتور أحمد علي مرسي"، بمتحف الطفل بمصر الجديدة.
أقيمت الاحتفالية بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان والمركز القومي لثقافة الطفل برئاسة الكاتب أحمد عبد العليم.
بدأت الاحتفالية بعدد من الرقصات الشعبية في بهو المتحف، ثم انتقلت الفعاليات إلى قاعة المسرح.
أكد الدكتور أشرف العزازي في كلمته أهمية هذه الفعالية التي تأتي في إطار تكريم رموزنا الثقافية، قائلًا: نلتقي اليوم في مناسبة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات، إذ نحتفي بذكرى مرور ثلاث سنوات على رحيل أحد أعمدة الثقافة والتراث في مصر والعالم العربي، الأستاذ الدكتور أحمد مرسي، الذي كرس حياته لخدمة التراث الشعبي والفلكلور، وترك لنا إرثًا علميًّا وثقافيًّا سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
كما أكد العزازي أن الدكتور أحمد مرسي كان رائدًا بحق في مجاله، ليس فقط من خلال أبحاثه ومؤلفاته القيمة، بل أيضًا من خلال إيمانه العميق بأن التراث الشعبي ليس مجرد ماضٍ يُروى، بل هو ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية، وجسر يربط بين الأجيال، ويعزز الانتماء والوعي الثقافي.
موضحًا أن ما يزيد من رمزية هذه الاحتفالية أنها تُقام في متحف الطفل، وهو اختيار يحمل دلالة عميقة تتسق مع ما كان يؤمن به الراحل الكبير، من أن التوعية بأهمية التراث يجب أن تبدأ من الطفولة، وأن غرس قيم الاعتزاز بالهوية والانتماء الثقافي في نفوس الأطفال هو السبيل لبناء أجيال تدرك قيمة تراثها، وتفخر به، وتحافظ عليه.
معلنًا أن هذه الاحتفالية، تمثل بداية لسلسلة من الفعاليات التي يعتزم المجلس إطلاقها خلال الفترة المقبلة احتفاءً برواد التراث الشعبي والفلكلور في مصر، تأكيدًا لدورهم في صون الذاكرة الثقافية، وتعزيز الهوية الوطنية في مواجهة التحديات المعاصرة؛ أمثال عبد الحميد حواس وأسعد نديم وغيرهما ممن حملوا على عاتقهم رسالة حفظ وصون تراثنا.. وقد آثر المجلس أن تبدأ تلك السلسلة باسم العالم الكبير الراحل أحمد مرسي.
وقالت السيدة سهام الجوهري رئيس جمعية مصر الجديدة: نحتفل بعلم من أعلام الثقافة العربية ورائد من رواد تراثنا الشعبي الأصيل، وهو الدكتور أحمد علي مرسي، الذي أثرى المكتبة العربية بأبحاثه العميقة، في علم الفلكلور حيث نذر حياته لصون التراث الشعبي من الضياع، والذي كانت جهوده بمثابة مصباح أضاء الدروب، فقد جسد المعنى الحقيقي للعطاء العلمي الوطني سواء من خلال كرسي الجامعة الأكاديمية أو من خلال جمعية التراث.
وأضافت: إن احتفالنا الليلة بالدكتور مرسي هو مجرد رد جميل بسيط أمام عطائه الوافر ودوره في الحفاظ على هويتنا الثقافية والتراث غير المادي، إنه تكريم للتراث ولاسم مصر.
أوضح الدكتور محمد أحمد مرسي، أستاذ العلاقات الدولية، أن أباه الراحل لم يكن أبًا فحسب، بل كان أستاذًا ومعلمًا له ولغيره، وإن كان قد غاب بجسده، فإنه ما زال حاضرًا بعقله الذي أخلص في كل كلمة قالها.
وأضاف أن الدكتور أحمد مرسي قد تشرب تراث هذا الوطن، وتماهى مع طميه الخصب المتماسك القادر على أن يتشكل في قوالب فنية ملهمة ونافعة، فقد كان يؤمن بأن التأخي، والمزاملة، والتعاون داخل الأسرة، هو السبيل الأسهل للارتقاء والتطور، فالأسرة في مصر القديمة لم تكن مجرد وحدة اجتماعية تسعى للبقاء، بل كانت الحاضنة الأولى لاختراع المجتمع المنظم، فمن رحمها خرجت مفاهيم القانون، والنظام، والسلطة، والعدالة التي شكلت الأساس لقيام الدولة المصرية القديمة.
وأوضح أن أباه الراحل لم يغادر القلب لأنه أحبّ الناس جميعًا، ليس فقط في واديه الخصيب، بل في كامل المنطقة العربية. وسعى، بإيمان راسخ، إلى أن يصون هذا التراث المشترك، ويستخرجه من أعماقه، ليؤسس مشروعًا وطنيًّا يعزِّز الهوية المصرية والعربية، ويجعل منها ضفيرة قادرة على ترسيخ الانتماء والخصوصية الثقافية، لا لمصر وحدها، بل للأمة بأسرها.
وأردف: علم الله -وأنا شاهد على ذلك- أنه ما جف حلقه يومًا طلبًا للمال أو الشهرة أو المكانة، بل جف في سبيل الإقناع والحث على العمل من أجل صون التراث وتوظيفه؛ وإقناع الدارسين، والعاملين في الشأن الثقافي والتعليمي، وأولي الأمر، بالعمل الجماعي من أجل مقاومة التهميش الثقافي والعولمة المفرطة، عبر التمسك بالجذور، والمحافظة على التنوع، ونقل الحكمة والخبرة المتراكمة عبر القيم التراثية التي تعد رصيدًا حيًّا من التجارب الحياتية والاجتماعية. فقد كان يؤمن بمشروع قومي لبناء رأس مال اجتماعي، قائم على الثقة، والثقافة، والتناغم، والتكافل، من خلال توظيف الموروث في التعليم.
ومن أجل هذا ساهم بهمة في إنشاء جمعية مصرية للمأثورات الشعبية، التي أضحت واحدة من أهم مؤسسات المجتمع الأهلي.
مؤكدًا أن الدكتور أحمد على مرسي كان إنسانا قويًّا في ذاته، مشعًّا في محيطه، واستطاع بسلوكه وقيمه التي استمدها من التراث، وبسماحته وخلقه الرفيع، أن يقوي من حوله.
ولعل السامعين يعون ما قاله التراث ويدركون عمقه، فالتراث علمنا أن: "حبة فوق حبة تعمل كيل ونقطة فوق نقطة تعمل سيل"، و"أن الحب يبني والكره يفني"، وأن "أهلك لا تهلك".
وبعد ذلك عُرِض فيلم توثيقي للتعريف برحلة الراحل ومؤلفاته وجهوده لخدمة التراث.
ثم أعقبت الجلسة الافتتاحية جلسة أخرى لمناقشة جهود الراحل ومسيرته العلمية والثقافية في صون التراث الشعبي، وقد أدارها الدكتور أحمد بهي الدين العساسي، وشارك فيها كل من:
الكاتب أحمد الجمال الكاتب الصحفي، وقد تحدث عن علاقته بالراحل واجتماعهما على عدد من الهموم والقضايا.
الدكتور جمال مصطفى السعيد، أستاذ ورئيس قسم جراحة الأورام بكلية الطب جامعة القاهرة، والذي تحدث عن نقاشاته مع الراحل حول علاقة الطب والثقافة الشعبية، والحديث حول الطب الشعبي والموروث، والعلاج الشعبي الذي كان للراحل دور في حفظه، وبعض الظواهر مثل الختان وغيره.
الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب جامعة القاهرة، والذي أشاد بأفضال الراحل عليه، وكيف زرع فيه عددًا من القيم، وكيف أثر في تعاملاته وشخصيته، ذاكرًا المثل الشعبي "السيرة أطول من العمر"، ومؤكدًا أن أحمد مرسي هو التطبيق العملي لهذا المثل، وأنه كان يشجعه على جمع نصوص الأدب الشعبي كما هي، دون أي تدخل.
ونادى الدكتور محمد أحمد مرسي بتخصيص يوم للتراث المصري والعربي يُحتفل به سنويًّا، وليس مجرد تسجيل السيرة الهلالية مثلًا، بل تعريف الأطفال بالسير الشعبية كافة.
وتحدثت الدكتورة هناء الجوهري، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، عن علاقة التراث الشعبي وعلم الاجتماع وعن ذكرياتها الشخصية مع الراحل، وذلك الجو الاجتماعي والعائلي بينهما.
وتحدث المهندس هيثم يونس، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، عن تأسيس الدكتور أحمد مرسي الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية، كما تحدث عن توثيق السيرة الهلالية، وكذلك عن مشروع توثيق وتنمية فن التلي، والذي تم بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، وكذلك مشروع متحف الحضارة.




