الموجز اليوم
الموجز اليوم

علاء عبد الحسيب ..يكتب..معركة إنقاذ «يوسف» في مستشفى سوهاج الجامعي

الكاتب الصحفي علاء عبد الحسيب
الكاتب الصحفي علاء عبد الحسيب

حقا هي معركة، وشرسة بمعنى الكلمة والمضمون، بدأت تفاصيلها في مدينة طهطا إحدى مراكز محافظة سوهاج، طرفها الأول "يوسف" الطفل الرضيع، والطرف الثاني إلتهاب رئوي حاد، كان الأمل مفقود لأن يحقق الطفل انتصارا واحدا أمام هذا العدو، فالشواهد والإمكانيات وآراء الأطباء أكدت في البداية أن حياة الملاك البريء مسألة وقت.

وقبل التطرق لتفاصيل الموضوع .. هل تريدون معرفة حقيقة ما يجري في بعض مستشفيات القطاع الخاص؟ .. مباني زجاجية فاخرة، بداخلها غرف فخمة، وحمامات نظيفة، وممرات عصرية، "يونيفورم" موحد للأطباء وطاقم التمريض والعاملين ورجال الأمن، تشعر للوهلة الأولى أنك داخل فندق سياحي فخم، الجميع ينتظر "فلوسك" بفارغ الصبر، فالمعاملة الحسنة وحدها تؤكد هذا "الظن"، وإن كان بعضه إثم، فكما يقولون "كله على قفا الزبون"، لا وقت ولا مجال للإنسانيات بين تجار وأباطرة الدماء .

الصدمة كانت تنتظر "يوسف" حينما قررت أسرته البسيطة التخلي عن كل شيء مقابل إنقاذه من الموت المحقق بأي ثمن، بعد أن توجهت بالصغير إلى مستشفى "العذاب" في طهطا لعلاجه، باعتبار أنها مستشفى خاص تقدم الخدمة بمقابل، وهناك كانت المفاجأة.. مستشفى ضخم بدون طبيب قادر على التعامل مع "دور برد" تحول نتيجة الإهمال لإلتهاب رئوي حاد كاد أن يودي بحياة الطفل .

استنزفت مستشفى "العذاب" أموال الأسرة، وبعدما فشلت في التعامل مع الحالة قررت تحويله لمستشفى سوهاج الجامعي هروبا من المسؤولية، وهناك بدأ الأطباء في معركة شرسة لإصلاح ما أفسده "المبتدئين" في المستشفى الخاص، بعدما اكتشفوا آثارا خطيرة في مجرى الأحبال الصوتية والرئة نتيجة تركيب خاطئ "لأمبوبة" في مجرى التنفس .. معركة شرسة بدأت منذ أسبوع ومستمرة حتى كتابة هذه السطور، نجح فيها "قسم الأطفال" بمستشفى سوهاج الجامعي في إنقاذ "يوسف" من الموت.

تحققت المعجزة في الوقت الضايع، بإرادة من الله عز وجل أولا، ثم نجاح أطباء عناية الأطفال في المهمة، وأكدوا بهذا التعامل المحترف أن الخدمة الطبية في مستشفيات الدولة هي طوق نجاة لإنقاذ المرضى والبسطاء من استغلال "تجار الدماء" في بعض مستشفيات القطاع الخاص، الغائبة تماما عن الرقابة والمحاسبة، خاصة حينما نتحدث هنا عن محافظة بحجم سوهاج .

لا زالت مستشفيات الدولة تمثل القوة الجبارة في احتواء المرضي وأصحاب الحالات الحرجة والحوادث، ويكفي إنها تضم قائمة وخبرات كبيرة ومحترفة في كافة التخصصات الطبية، وهو ما يستوجب أن تكثف الدولة من إمكانياتها وآليات دعمها لتغطية هذه الأماكن بالأجهزة والمستلزمات المطلوبة، وتأهيلها بالشكل الأمثل لتقديم الخدمات الطبية.

إعادة النظر في منظومة الرقابة على مستشفيات القطاع الخاص أصبح أمر لا يحتمل التأخير، فبعضها أصبح مجرد فنادق فقط بدون تخصصات فعلية، حان الوقت لأن تراجع الجهات المسؤولة قائمة أسعار هذه المستشفيات وإجراء مقارانتها بحجم الخدمات المقدمة للجمهور، فالمواطن أصبح غير قابل للاستنزاف داخل هذه الأماكن .

وأخيرا.. تحية إعزاز وتقدير لجنود مصر في مملكة البالطو الأبيض، القادرين على العطاء وتقديم الخدمات الطبية في ظل هذه الظروف والتحديات والضغط الكبير على ملف العلاج، تحية إعزاز وتقدير لأطباء قسم الاطفال في مستشفى سوهاج الجامعي، وأطباء عناية الأطفال، فقد أثبتوا حقا أن مصر ولادة، وبها كفاءات طبية على أعلى قدر من الخبرة والإيمان بأن حياة الناس لا تقدر بثمن .

موضوعات متعلقة